منذ أيام منع في الجزائر البنزين الحاوي على الرصاص. أعلنت الأمم المتحدة النصر على الوقود الضار. النتائج الإيجابية لهذا الإنجاز لن تلاحظ على الفور لكنها ستكون حتماً. سنتحدث ما هي هذه التغييرات ولم؟
Symbol of danger
AUTOBOOM

نهاية بشاعات الرصاص

Symbol of danger

منذ أيام منع في الجزائر البنزين الحاوي على الرصاص. أعلنت الأمم المتحدة النصر على الوقود الضار. النتائج الإيجابية لهذا الإنجاز لن تلاحظ على الفور لكنها ستكون حتماً. سنتحدث ما هي هذه التغييرات ولم؟

القليل من التاريخ

في عام 1921 اخترع المهندس الكيميائي توماس ميجلي رباعي إيتيل الرصاص. بدأت General Motors بإضافة رباعي إيتيل الرصاص للبنزين لزيادة الأوكتان، بما أنه بعد تكرير النفط للبنزين رقم أوكتان منخفض جداً (50-60) وليس صالح كوقود. ضرر الرصاص كان معروفاً منذ ذلك الحين، لكن مخترع رباعي إيتيل الرصاص أصر على أمان هذا المركب Pb(CH3CH2)4. منذ ذلك الحين وإلى فترة قريبة كانت السيارات تبعث للجو، الأرض والماء مادة سامة للغاية. لكن للأمانة في ذلك الحين لم تكن جميع جوانب ضرر الرصاص معروفة، لذلك ميجلي الأصغر كان لا يقدر بشكل كاف خطر الرصاص ولم يكن يحلم بإنهاء البشرية.

في الـ1970نات تم إجراء أبحاث والتي أظهرت بشكل حتمي ضرر رباعي إيتيل الرصاص على الصحة وبدأت محاربته في بداية الـ80نات، في البداية في دول متفرقة ومن ثم عالمياً. على مدى السنوات الـ20 الأخيرة تصدرت محاربة البنزين المحتوي على الرصاص منظمة الـ"يونيب" (برنامج تابع للأمم المتحدة لحماية البيئة) إضافة لحكومات العديد من الدول وأكثر من 70 مجموعة صناعية والكثير من المنظمات الأخرى المهتمة.

Tetraethyl lead

منذ فترة أعلن مصنع تكرير النفط الجزائري أنه استهلك كل مخزونه من الرصاص ولن يعود البنزين الرصاصي يستخدم في البلاد. بما أن الجزائر كانت آخر دولة تستخدم رباعي إيتيل الرصاص، أعلنت الأمم المتحدة الانتصار الكامل على رباعي إيتيل الرصاص Pb(CH3CH2) منذ حوالي الأسبوع. أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة أعلن عن انتهاء حقبة رباعي إيتيل الرصاص وقال: "التوقف عن استخدام البنزين المحتوي على الرصاص بإمكانه تفادي 1 مليون موت قبل أوانه من أمراض القلب، الجلطات القلبية والسرطان. كما يحمي هذا الأطفال الذين تضرر تطورهم العقلي بسبب تأثير الرصاص".

السيطرة الكاملة

Refueling the car

البنزين المحتوي على الرصاص يخفض من عمر المحرك. والأسوأ من هذا هو تأثير البنزين على البشر وخاصة على الأطفال. دراسات استمرت على مدى سنوات طويلة حاول العلماء معرفة على أي عضو أو جهاز في الجسم يؤثر فيه الرصاص بشكل أكبر. الآن أصبح معروفاً بالتأكيد أن الرصاص يخرب في الجسم كل شيء تقريباً. ولا توجد جرعة آمنة من هذه المادة. وليس في الجسم أي حاجز طبيعي للرصاص. كيف يؤثر الرصاص على جسم الإنسان يمكن القراءة عنه في آلاف المصادر على الإنترنت. اهتمام أقل أولي للعواقب الاجتماعية للرصاص، لكنها موجودة وسيئة للغاية.

كل الأمر أنه حتى في الجرعات الصغيرة يطغى الرصاص على الإمكانيات العقلية ويتسبب بسلوك عدواني لدى الأطفال. أظهرت الدراسات أن زيادة نسبة الرصاص في دم الطفل بنسبة جزئين من المليون بالمئة يخفض مستوى الذكاء IQ درجة واحدة. وهذه الجرعات فائقة الصغر استنشقها كل الأطفال تقريباً، غالبيتها من العوادم (وليس فقط). خاصة في المدن الكبيرة. وكلما أصبح عدد السيارات أكثر كلما زادت نسبة المادة السامة التي دخلت أجسام الأطفال. كل الأطفال كانوا يصبحون... أغبياء قليلاً وأكثر عصبية قليلاً وحين كبروا أصبحوا يطرحون هذا للعالم وعلى مدى عقود ما جعل معدلات الإجرام أسوأ، ولوحظ ذلك في الكثير من الدول في الـ80نات والـ90نات حين أصبحت السيارات الكبيرة متاحة للجميع تقريباً. "ما هي أدلتك؟" هي موجودة لدينا، بالأحرى لديهم.

Metal Lead

حتمية المستقبل المشرق

على مفترق القرنين العشرين والحادي والعشرين انخفض مستوى الإجرام في الولايات المتحدة فجأة ودون أسباب واضحة. هذا ملحوظ بالأخص في نيويورك التي تحولت من واحدة من أخطر المدن على الكوكب لمدينة هادئة. شكروا على ذلك عمدة المدينة آنذاك رودي جولياني، دون ملاحظة أن معدلات الجريمة انخفضت في كل مكان. العلماء بدورهم تجاهلوا الاستنتاجات التافهة لوسائل الإعلام وبدأوا بدراسة الأسباب الحقيقية للحاصل وهو "الهدوء المفاجئ" للأمريكيين.

تحت إدارة الاقتصادية جيسيكا رييس تم إجراء دراسة إحصائية أصبحت اليوم شهيرة في الدوائر العملية والتي أظهرت أن معدلات الجريمة وبالأخص ديناميكية جرائم العنف كان مرتبطاً بشكل مباشر بمستويات الرصاص، وليس برودي جولياني. النمو الكبير لمعدلات الجريمة جاء في الفترة بين عامي 1972 و1992، الوقت الذي أصبح فيه عدد السيارات هائلاً الأكبر في العالم. وأي سيارات كانت هذه! لكن في عام 1974 اتخذ في الولايات المتحدة قانون منع استخدام البنزين الحاوي على الرصاص. بعد 20 عاماً تقريباً انخفض مستوى الرصاص في الهواء، أصبحت الأدمغة أنظف وأصبح الناس يفكرون بطريقة صحيحة ومتزنة.. وهذه حقيقة مثبتة علمياً.

بدورهم أكد العلماء البريطانيون (الحقيقيون وليس الوهميون) أن الرصاص الذي دخل هواء لندن آخر مرة من العوادم منذ 20 عاماً محفوظ في الأرض وإلى اليوم يمكن العثور عليه في أي مكان، حتى على أسطح الأبنية الشاهقة. جزئيات الرصاص تدخل الهواء خاصة في الصيف والخريف الدافئ، لكن مع الزمن تنخفض كثافتها بشكل مستمر. لذلك ينتظرنا حتماً مستقبل مشرق. نعرف بالتأكيد أننا سنصبح أذكى وألطف. أما سياراتنا سيطول عمرها وسنصبح سعداء أكثر بحياتنا. وداعاً لتوقعات نهاية العالم.

أي من المشاكل العالمية للبشرية يجب حلها؟
صوتين