باغاني.. الحلم الذي أصبح واقعاً
باغاني هي ليست مجرد سيارات فائقة، هي سيارات رياضية بتجهيزات استثنائية، مواصفات ديناميكية خارقة وسعر خارق. إنها سيارات فائقة! سيارات باغاني باستطاعتها، سرعتها، قدرتها على المناورة تتفوق على السيارات الخارقة! هوايرا تتسارع لـ378 كم/سا، أما وقت التسارع لـ100 خلال 3.2 ثانية فقط! سيارات باغاني مجمعة يدوياً، بشاسيه وهيكل مصنوعين من ألياف الكربون، فريدة بتصميمها ولها ديناميكية مذهلة.
ألياف الكربون هي مادة مكونة من خيوط رفيعة بقطر من 5 إلى 15 ميكرومتر، مكونة بغالبها من ذرات الكربون. ذرات الكربون مجموعة في كريستالات مجهرية وموازية لبعضها البعض. هذا يعطي للألياف متانة عالية عند الشد. لألياف الكربون قوة شد عالية، كثافة كتلية منخفضة ومعدل تمدد حراري قليل وخمول الفعالية الكيميائية. ألياف الكربون هي أساس إنتاج البلاستيك الكربوني أو الكربون، من Carbon الانكليزية. البلاستيك الكربوني هو مواد مركبة مكونة من خيوط ألياف الكربون متموضعة بشكل مصفوفي في مواد بوليمير بغالبيتها راتنجات الإيبوكسي. يتميز الكربون بالمتانة العالية، القساوة وخفة وزنه. هو أمتن من الحديد لكن أخف منه بكثير! وكل هذا يناسب بشكل مثالي لصناعة سيارة منه. هذا ما فعله غواتسيو باغاني، وأسس شركته الخاصة Pagani Autimobili التي تنتج سيارات خارقة من الكربون.
من الحلم للواقع
باغاني هي ليست مجرد ماركة سيارات، هي حكاية حلم حقيقي. كل شيء بدأ فعلاً من حلم. صبي أرجنتيني صغير باسم غوراتسيو كان يعشق السيارات الخارقة منذ طفولته. كان يصنع نماذج السيارات من الخشب، أما حين أصبح عمره 15 عاماً صنع بيديه دراجة نارية صغيرة وساعد أحد المتسابقين المحليين بتعديل سيارته السباقية ما سمح له بالفوز في السباق الذي شارك فيه.
يمكن اعتبار باغاني "أب" السيارات الكربونية عموماً. باغاني وشركته ساهمتا بشكل كبير في صناعة لامبورغيني ديابلو، أما شركة باغاني "Composite Research" إلى اليوم تعمل وتصنع أجزاء كربونية للكثير من ماركات السيارات، بما فيها فيراري ورينو.
حين أصبح عمره 21 عاماً صمم باغاني شاسيه متوافق مع متطلبات الفورملا 3! وعرضه على إدارة Renault Argentina. بعد هذا السيارة التي صنعت على شاسيه باغاني تفوقت في السباقات كل الموسم! لكن شاءت الأقدار أن هذه السباقات كان يتابعها المايسترو، بطل الفورملا 1 لـ 5 مرات خوان مانويل فانجيو. اندهش لدرجة أنه قرر التعرف شخصياً على المهندس ذو الـ22 ربيعاً، وبعد أن تعرف عليه كتب له ثلاثة رسائل توصية: لفيراري، لامبورغيني وألفا روميو.
هكذا وجد المهندس الموهوب باغاني نفسه في Automobili Lamborghini. بدأ العمل كميكانيكي بسيط في المصنع الشهير، قرر شراء فرن لتحضير الكربون، والذي رفضه لامبورغيني حيث لم يؤمن بأفق الكربون. أما باغاني قرر الرهان على الكربون! وفي عام 1988 أسس شركة Pagani Composite Research، التي كانت تعمل بالمواد المركبة والكربون، ولم يخطئ!
يمكن اعتبار باغاني "أب" السيارات الكربونية عموماً. باغاني وشركته ساهمتا بشكل كبير في صناعة لامبورغيني ديابلو، أما شركة باغاني "Composite Research" إلى اليوم تعمل وتصنع أجزاء كربونية للكثير من ماركات السيارات، بما فيها فيراري ورينو. كما أسست باغاني شركة Modena Design، التي تتخصص بتصميم الداخل والخارج للسيارات الرياضية وتنتج قطعاً كربونية لـDellara، Ferrari، Lange وRenault.
باغاني لم ينسى حلم طفولته. وعمل لـ10 سنوات على صناعة أول سيارة رياضية له، إلى أن تحولت المخطوطات لنموذج ذو الاسم الصارخ Fangio F1 تيمناً بمتسابق عظيم. هوان مانويل لم يعارض. والأكثر من ذلك بفضله استطاع باغاني مقابلة إدارة مرسيدس AMG، وأصبح أول من استطاع الاتفاق على توريد محركات لسياراته الرياضية المستقبلية. كانت AMG تجمع محركاتها الرائعة بدون ضاغط توربو V12 خصيصاً لباغاني.
أول موديل ماركة Pagani. جمع بالكامل بشكل يدوي بشاسيه وهيكل من ألياف الكربون. التسارع لـ"مئة" خلال 3.5 ثانية والسرعة القصوى 340 كم/سا!
وفي عام 1998 افتتح باغاني أخيراً مصنعه الخاص Pagani Automobili. وبعد عام ظهر أول موديل ماركة Pagani. جمع بالكامل بشكل يدوي بشاسيه وهيكل من ألياف الكربون. وليست فقط فريدة بمظهرها بل بديناميكية رائعة! التسارع لـ"مئة" خلال 3.5 ثانية! السرعة القصوى 340 كم/سا! وبالمحصلة في أول عام حصل باغاني على 100 طلبية مسبقة الدفع على سيارته الرائعة!
إله الريح
أما في عام 2011 ظهرت Huayra (وايرا)، هي إله الريح بلغة واحدة من القبائل الأمريكية الجنوبية ومكرس لذكرى السيارة السباقية الأرجنتينية Huayra Pronello Ford. هذه السيارة الخارقة من Pagani تذهل أي جمهور: المحرك من Mercedes AMG V12 6.0 Bi-Turbo باستطاعة 730 حصان، أما وزن السيارة 1350 كغ فقط! ما يسمح لوايرا التسارع لسرعة 378 كم/سا، أما وقت التسارع لـ"مئة" خلال 3.2 ثانية فقط.
طبق في هوايرا لأول مرة مبدأ الإيروديناميكية الفاعلة، ظهرت في السيارة أجزاء جديدة كنظام التعليق الفعال إضافة لأربعة أجنحة: اثنين من الأمام واثنين في الخلف. هذه الأجنحة تغير وضعيتها بناءً على السرعة، زاوية دوران المقود، التسارع العرضي، وضعية صمام الخنق وغيرها من المعايير الديناميكية. وتحصل على المعلومات من أنظمة ABS وECU. الأجنحة الخلفية تعمل أيضاً كفرامل هوائي. عند الفرملة القوية ترتفع بحيث تشكل مقاومة هوائية وتمنع انتقال الوزن للعجلات الأمامية لزيادة ثبات السيارة ككل.
وايرا هي السيارة الوحيدة التي حصلت على لقب "سيارة العام" من ثلاثة مجلات في آن واحد: Top Gear، Car وEvo Magazine. وهي أول موديل باغاني حصلت على ترخيص في كل مكان من بينها الولايات المتحدة وخاصة ولاية كاليفورنيا الصارمة. تخطط باغاني إنتاج ما لا يزيد عن 40 سيارة منها سنوياً وبيعها بسعر يبدأ من مليون دولار أمريكي.
تخطط باغاني إنتاج ما لا يزيد عن 40 سيارة منها سنوياً وبيعها بسعر يبدأ من مليون دولار أمريكي.
كيف تصنع الأعجوبة
لتفهم كيف تصنع هذه الأعجوبة ما عليك إلا زيارة مصنع باغاني. هو يشبه كل شيء إلا المصنع! استوديو باغاني مكون من ثلاث أقسام رئيسية: استوديو التصاميم، مستودع القطع وورشة التجميع. منطقة الإنتاج تشبه أكثر ساحة مدينة إيطالية صغيرة فيها أشجار، طريق حجري وأعمدة إنارة الشوارع وساعة تدق كل ساعة، ما يؤكد على الروح الإيطالية لـAutomobili Pagani.
في الطابق الثاني تموضعت المنطقة التي يتم فيها العمل مع المواد المركبة. في المركز فرنين عملاقين والتي يتم فيها "شواء" كل القطع. تستخدم باغاني الكربون في كل مكان، حتى في الأجزاء الحاملة للسيارة. أما تقنية تلبيس قطع التيتانيوم بالكربون تجعل مزايا المادتين مجموعتين سوية.
في الطابق الأول ورشة التجميع. في البداية يتم تجميع نظام التعليق الأمامي والخلفي، الأجزاء المصنوعة من الحديد الكروم موليبدين الخفيف الوزن، ثم على قواعد خاصة يتم تجميع الأجزاء الميكانيكية الثقيلة الأخرى. ثم كل سيارة تنقل لغرفة مستقلة حيث يتم إنهاء عملية التجميع. هذه الغرف متموضعة على محيط الساحة. مفصولة فيما بينها بأقواس، ما يعطي انطباعاً بالمساحة. وهناك يقوم عدة موظفون بتجميع سيارات باغاني والتي لكل منها مالكها.
هكذا تحول حلم طفل صغير لحقيقة. واستطاعت سيارات باغاني الخارقة من غزو العالم.
