الضاغط من جديد
دودج شارجر (Charger تترجم عن الإنكليزية كـ "الضاغط") - واحدة من أهم سيارات دودج وأشهر السيارات الأمريكية ككل. كانت واحدة من السيارات التي بدأت منها حقبة الماسل كار في الـ60نات وبها نفسها انتهت هذه الحقبة في الـ70نات. لكن شارجر لم تختفي، بل تابعت التطور لتغير شكلها، محركاتها، تصميمها وبالنهاية عادت لعشاقها كما كانت "سيارة ذات عضلات"، لكن بحلة جديدة.
الجيل الأول
شارجر من الجيل الأول استمرت لعام واحد أنتجت بين 1966 و1967. كانت عبارة عن فاستباك ببابين ذو تصميم شرس والتي من علاماته المميزة كان الجزء الأمامي مع المبرد الذي يخفي الأضواء أشبه بشفرة حلاقة كهربائية. الهيكل يبدو غريباً بعض الشيء وغير متناسقاً، قد يكون غطاء المبرد يبدو متقادماً أو على العكس الجزء الخلفي أشبه وكأنه سيارة من الـ30نات. بالمقابل كان للسيارة الخارقة محركات قوية بـ8 أسطوانات بأحجام مختلفة: 5.2 ليتر، 5.9 ليتر، 6.3 ليتر، 7.0 ليتر Hemi باستطاعات من 230 حتى 400 حصان مع ناقل يدوي بـ3 أو 4 سرعات أو ناقل أوتوماتيكي بـ3 سرعات.
على السرعات الهائلة كانت شارجر تحلق حرفياً - أسفلها كان يلعب دور جناح الطائرة، لكن لم يكن لها ذيل طائرة لذلك كانت تخرج عن السيطرة.
شارجر على ما يبدو أصبحت أول سيارة تسلسلية الإنتاج لها جناح. التصميم غير المتوازن سمح بالوصول لسرعات هائلة، لكن لم يكن يوحي بالاستطاعة الهائلة. على السرعات الهائلة كانت شارجر تحلق حرفياً - أسفلها كان يلعب دور جناح الطائرة، لكن لم يكن لها ذيل طائرة لذلك كانت تخرج عن السيطرة. الجناح الخلفي كان يسمح لها ألا تطير لكن بسرعات تبدأ من 240 كم/سا. هكذا سرعات كانت في أهم سباقات أمريكا NASCAR والتي تفوقت فيها شارجر على جميع منافسيها، أما السائق دافيد بيرسون احتل المركز الأول ما لا يقل عن 14 مرة خلال الموسم وبالمحصلة أصبح بطل العام.
بالطبع هكذا سيارة كان لا يمكن ألا تعجب عشاق السيارات وفي البداية كانت مبيعات شارجر تزداد. لكن سرعان ما تدهورت بسرعة لأن الماسل كار في الحياة العادية هي سيارة خطيرة لأي أحد ليس لديه مهارات قيادة ملائمة.
الجيل الثاني
أنتج بين عامي 1967 و1970 والتغييرات من حيث البنية والميزات كانت قليلة، أما التعديلات الجدية كانت عام 1968. أولاً تغير التصميم، أصبح أكثر أناقة وتناسقاً. تطوير التصميم سمحت لشارجر بالتطور من تصميم "ماكينة الحلاقة الكهربائية" لـ"زجاجة الكوكا كولا" من النمط التقليدي - الآن تصميم هذه القوارير عاد للموضة لذلك يمكن تخيل كيف كانت شارجر الثانية.
هيكل شارجر الجديدة كان هاردتوب بجزء خلفي مضغوط، وهو تحديداً فرض الملامح المميزة للسيارة الأسطورية على مدى كل أجيالها. لكن حصلت على لقب الأسطورة ليس لملامحها بل لمواصفاتها السباقية. للمشاركة في NASCAR كانت شارجر أولى السيارات التي خضعت للاختبارات في الأنبوب الأيروديناميكي وبالمحصلة تمت صناعة إصدارين: Charger 500 وCharger Daytona. في عام 1969 فازت كل من Charger Daytona وCharger 500 في 45 من أصل 59 سباق شاركوا فيه. السيارة كانت متفوقة في السباقات لدرجة أن NASCAR بالمحصلة فرضت قيوداً على المحركات التي يتم تركيبها على هذه السيارات.
في عام 1969 فازت كل من Charger Daytona وCharger 500 في 45 من أصل 59 سباق شاركوا فيه.
قدرات شارجر 1969 يمكن رؤيتها في النصف الثاني من فيلم كوينتين تارانتينو "إثبات الموت" (Death Proof) - عليها مهووس السيارات القاتل ممثل الحركات الخطيرة مايك ماكين يتسابق مع فتيات يقدن دودج شالنجر. في الفيلم هناك لحظة رائعة، يمكن سماع الصوت من داخل السيارة التي تطير بسرعة 200 كم/سا دون موسيقا في الخلفية والتي يمكن من خلاله التخيل بم يشعر الإنسان في هذه العلبة الحديدية الطنانة بأدنى حد من ميزات الأمان. هذا مخيف. في الفيلم نجحت الفتيات بالتغلب على المهووس تكتيكياً وببعض الحظ. تارانتينو لم يخف الحقيقة، شالنجر سيارة قوية، لكن شارجر كانت سيارة سباق ولم يكن لشالنجر أدنى فرص في هذا السباق.
الجيل الثالث
أنتج بين عامي 1971 و1974. دودج شالنجر من الجيل الثالث خضعت لتحديث جدي. تغيرت شبكة المبرد مرة أخرى، ظهرت عليها الأضواء المستديرة، الملامح خسرت شراستها وتم تحديث غطاء المحرك وأصبح فيه فتحة تهوية فوق فلتر الهواء مباشرة. التوجه الرئيسي كان الخفض التدريجي لاستطاعات المحرك - الماسل كار كانت تنتهي موضتها بسبب زيادة رسوم التأمين وتفاقم أزمة النفط. "الضاغط" كان يصبح أضعف، أكثر اقتصاداً للوقود وأكثر أماناً.
تحسين صورة شارجر كانت مفيدة للموديل، عام 1973 كان واحداً من الأكثر نجاحاً. ما أثر إيجاباً على المبيعات هو أن دودج عرضت عدة إصدارات من شارجر تلائم جميع الأذواق، من بينها Charger Super Bee، Charger R / T وCharger 500 إضافة لعدة حزم من التصاميم. المحركات الأساسية كانت 3.7 ليتر V6، محرك 5.2 ليتر بـ8 أسطوانات ومحرك 6.3 ليتر V8 ومحرك 7.2 ليتر Magnum V8.
الجيل الرابع
أنتج بين عامي 1975 و1978. للجيل الرابع من شارجر اختارت دودج توجهاً مختلفاً كلياً، من الآن هي ليست سيارة سباق بل سيارة فاخرة. المظهر الخارجي أصبح أقل انسيابية وكانت الماسل كار تذكر أكثر بسيارة عائلية. المبرد تحول لشبكة صغيرة في الوسط، ولو بقيت الأضواء الدائرية المزدوجة مكانها حول شبكة المبرد. من بين المحركات المتاحة كانت المحركات بـ6 أسطوانات بحجم 5.2 ليتر و5.9 ليتر مع ناقل يدوي بـ3 أو 4 سرعات أو أوتوماتيكي بـ3 سرعات. عملياً شارجر موديل 1975 لم تكن شارجر بجيناتها، بل Chrysler Cordoba باسم مختلف. أما تقاليد السباقات كان يفترض أن تستمر بها Charger SE (Special Edition)، لكن بيع منها أقل من ألف سيارة.
بهذا الشكل كانت شارجر تموت ببطئ وفي عام 1978 بلغت المبيعات أقل من 3 ألف وحدة. حينها خلفتها سيارة مختلفة كلية طويلة وعريضة "كالتمساح" Dodge Magnum. وبتوقف إنتاج آخر ممثل قوي للماركة Dodge Charger SE (Special Edition) انتهى عصر الماسل كار. من أجل المصداقية التاريخية يجدر ذكر Dodge Shelby Charger التي أنتج منها بضعة آلاف بين عامي 1983 و1987. السيارة كانت تصنع على القاعدة الرياضية Chrysler L لكن فعلياً كانت عبارة عن شارجر كلاسيكية معدلة. لكن لم تقترب حتى من استطاعات "الضواغط" الكلاسيكية، لكن نظراً لبنيتها كان لها إمكانيات سباقية عالية.
الجيل الخامس
في عام 2005 عادت شارجر من الماضي، استدعته التقاليد السحرية لعشاق الماسل كار الذين لم ينسوا أيام عز "الضاغط" وشهرته في حلبات NASCAR. الجيل الخامس كان يباع بنجاح حتى عام 2010. شارجر الجديدة بالطبع كانت لا تبدو بهذه الجدية والزوايا كما كانت السيارة الأساسية، لكن مع ذلك كانت تبدو شرسة. كانت مزودة بمحرك قوي 3.5 ليتر V6 وHemi V8. عرضت السيارة بالفئات SXT وR/T.
كانت موديلات SE تورد بديسكات عجلات حديدية بقطر 17 بوصة، ABS، مكيف، مشغل CD، وصول بدون مفتاح ومثبت سرعة. الفئة R/T كان فيها محرك V8، أنابيب عادم مزدوجة، ديسكات عجلات من المعادن الخفيفة بقطر 18 بوصة، جناح، مقاعد بتدفئة، مكيف ديجيتال وغيرها. SE كانت تزود بمحرك 3.5 ليتر V6 باستطاعة 250 حصان، أما R/T بمحرك 5.7 ليتر Hemi V8 باستطاعة 340 حصان. الناقل الأوتوماتيكي بـ5 سرعات مع إمكانية اختيار السرعات يدوياً كان من بين التجهيزات الأساسية لجميع الفئات. كما كانت متاحة بحزم لزيادة الراحة أو استطاعة السيارة. نظام مانع الانزلاق، نظام الموازنة، ستائر أمان جانبية كلها كانت من بين التجهيزات الأساسية. في اختبارات تصادم NHTSA حصلت شارجر على خمس نجوم (أعلى تقييم) في اختبار التصادم الأمامي، في اختبارات الاصطدام الجانبي حصلت على أربع نجوم لأمان الراكب الأمامي.
الجيل السادس
ينتج منذ عام 2010 إلى اليوم مع تحديث عام 2014. دودج شارجر الجديدة أصبحت ثاني جيل من الماسل كار التي أعيد إحياؤها. تزود بمحرك جديد 3.6 ليتر Pentastar V6 باستطاعة 292 حصان، وهذا أقرب بعض الشيء للأرقام الأسطورية. التصميم أصبح أفضل بشكل واضح من الجيل الخامس وأصبحت أكثر تناسقاً واندفاعية. بنفس الوقت أصبح الصالون في شارجر الجديدة أكثر راحة - مواد التنجيد عالية الجودة والميزات المتطورة، أنظمة الأمان المتطورة.
شارجر من الجيل السادس عبارة عن سيدان كبيرة تعرض بفئتين أساسيتين: SE وR/T. موديلات SE الابتدائية خلفية الدفع حصراً، في حين R/T يمكن الاختيار بين الدفع الخلفي والرباعي. الموديلات الابتدائية SE مزودة بديسكات عجلات بقطر 17 بوصة، أضواء أوتوماتيكية، مكيف، مقعد السائق بضبط كهربائي، مثبت سرعة، كمبيوتر رحلة وغيرها من الميزات. قائمة الميزات المتاحة على الجيل السادس طويلة لدرجة أن دودج قسمتها لـ12 حزمة لتلائم جميع الأذواق.
يمكن القول أن دودج شارجر الجديدة اليوم أقرب ما يمكن باستطاعتها من الماسل كار التقليدية وبنفس الوقت لم تعد علبة انتحار معدنية، بل سيارة متطورة وآمنة.
الموديلات SE تورد بمحركات جديدة 3.6 ليتر V6 باستطاعة 292 حصان، الإصدارات R/T تعرض بمحرك 5.7 ليتر V8 باستطاعة 370 حصان. كلا المحركين مزودين بناقل أوتوماتيكي بـ5 سرعات بميزة التنقيل اليدوي للسرعات، الذي ينقل العزم للعجلات الخلفية، لكن في R/T بمحرك V8 يمكن أن يكون الدفع رباعي.
في إطار تحديث عام 2014 حصلت دودج شارجر على العديد من الميزات الجديدة والخصوصيات المقسمة على العديد من الفئات: SE, SXT, R/T Road & Track, R/T Scat Pack, SRT 392 وSRT Hellcat. كل الموديلات خلفية الدفع، لكن SE وSXT يمكن أن تزودان بدفع رباعي كميزة إضافية. عموماً شارجر موديل 2015 تم تحديثها من الداخل والخارج بشكل كبير. في الفئة الابتدائية: ناقل أوتوماتيكي بـ8 سرعات، من بين المحركات الجديدة SRT 392 باستطاعة 400 حصان وSRT Hellcat باستطاعة 707 حصان. صالون السيارة منجد بجودة أعلى ومزود بميزات ووظائف متقدمة.
من بين ميزات الأمان الأساسية في دودج شارجر 2019/2020: موازنة إلكترونية والتحكم بالعزم، نظام مانع قفل للفرامل، وسائد أمان للركاب على المقاعد الأمامية، وسادة أمان لحماية الركب من جهة السائق، ستائر أمان جانبية ومساند رأس أمامية فاعلة. معهد شركات التأمين للأمان على الطرقات IIHS منح الإصدار المحدث أعلى تقييم "جيد" في اختبارات أمان التصادم الأمامي، الجانبي ومتانة السقف. بالمحصلة يمكن القول أن دودج شارجر الجديدة اليوم أقرب ما يمكن باستطاعتها من الماسل كار التقليدية وبنفس الوقت لم تعد علبة انتحار معدنية، بل سيارة متطورة وآمنة. مضت أيام صنفت فيها كأخطر سيارة في العالم، إذ في اليوم الأول من مبيعاتها تعرض 8 أشخاص بها لحوادث مميتة.